(حريات) مع أسر الشهداء : (28) رمضان جرح لم يبرأ
August 28, 2011
(حريات خاص)
يقيم شهداء 28 رمضان مساء اليوم الذكرى السنوية في منزل السيد الفاتح يوسف/ السيدة نفيسة المليك بالملازمين، و(حريات) تحيي ذكرى الشهداء برصد إفادات أسرهم حول معاناتهم طيلة 21 عاما.
وكان نظام “الإنقاذ” أعدم الشهداء في يوم 28 رمضان الموافق 23 أبريل 1990م بعد إعطاءهم الأمان ووفق محاكمات إيجازية ولم يعلن حتى الآن عن مكان دفنهم مما سبب جرحا غائرا لدى أسرهم وفي المجتمع السوداني، وظل يوم 28 رمضان سنويا مناسبة لتحسس ذلك الجرح الفائر.
ففي كل عام والمسلمين فى العالم أجمع يقبلون على العيد بفرح تجابه 28 الأسر مرارة الذكرى، وتجابه مطاردة السلطات وتعتقلهم وتعذبهم حتى صار طعم العيد لدى صغارهم مخلوطا بخوف اعتقال أو مداهمة. (حريات) التقت بعض من هذه الأسر ليسردوا تفاصيل معاناتهم طوال واحد وعشرين عاماً. وكانت النتيجة الإفادات التالية:
إبتهاج أبو القاسم محمد الحسن شقيقة الشهيد عصام الدين أبو القاسم محمد الحسن :
ولد بمدينة الخرطوم وتلقى تعليمه بها.
• والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها ضمن الدفعة (29) ضابط مدرعات.
• تلقى العديد من الدورات فى مدرسة سلاح المدرعات
بصوت راجف سردت أخت الشهيد عصام مسيرة الآلآم لواحد وعشرين عاماً فقالت: بعد إغتيال أخى الشهيد مرضت والدتى من شدة حزنها وشعورها بالظلم والقهر لأنها لم ترجثمانه ولم ترى حتى قبره. مرضت بمرض ضيق الشرايين. وتوفى والدى بذبحة صدرية بعد شهور قلائل من فقدان وإغتيال أخى. أما أخى الأكبر فكان يتم اعتقاله بشكل متواصل ويأتى أفراد الأمن دائماً لتفتيش منزلنا لأننا كغيرنا من أسر الشهداء طالبنا بمعرفة مكان دفنهم وتسلم جثثهم وكنا بنتعرض دائما وأبداً للمداهمات الليلية . أذكر اننا كنا لانزال أطفال ونحتاج بعض الأوقات فى الليل لماء أو خلافه وكنا عندما نلمس أمى تنتفض من الخوف واقفة….”بكاء”… كنا نظل لدقائق طويلة نبسلم لها “بسم الله ياأمى” حتى تهدأ ولاتخاف … وننتظرها لتأمن ومن ثم نطالبها بماء أو خلافه…”بكاء طويل” أسفة.. لقد عانينا طويلا..فى كل ذكرى لإستشهاد ابنائنا وأخواننا كنا نخرج مطالبين بحقنا الإنسانى فى معرفة مقابرهم . والسلطة تستقبل تحركنا هذا بالعنف والضرب والإعتقالات والإهانات … فى كل عيد كنا نفتقد أبى وأخى وأخوانى المتبقيين لأنهم كانوا يعتقونهم طوال فترة العيد ..العيد صار بالنسبة لنا مناسبة لألم غير إعتيادى … هذا النظام عذبنا وجعلنا ننتظر العيد مترقبين ماسيحل علينا من تعذيب.. مع إشتداد الضغط علينا كأسرة أجبر أخوانى على الهجرة ومغادرة البلاد ككثير من أبناء أسر الشهداء، ونتيجة كل هذه الضغوط أصابت أمى بمرض ضغط الدم ولازلنا نعانى كأسرة كثيراً…
والدة الشهيد عصام أبو القاسم:
منذ إغتيال ابناءنا الشهداء ونحن نطالب بتسليمنا جثثهم أو مكان مقابرهم. ولم ولن نسكت مطلقاً عن حقنا فى ذلك. رغم الاعتقالات والتعذيب.. تعرضت لإهانات كثيرة أذكر منها انه فى احدى المرات التى خرجنا فيها نطالب بحقنا المشروع فى معرفة أين يدفن أبنائنا . وقف ضابط أمن يستفزنا فقال لنا :يانسوان ده يوم تمرقوا فيهو؟ أنتو ماعندكم وليان ولا شنو” فرددت عليه اننى تحديداً ليس لدى رجال لأن نظامه قتلهم اذ إغتال إبنى ومات والده حسرة عليه وهاجر أخوانه من فرط التعذيب الواقع عليهم. وتفاجأت به يصفعنى”كف” حتى إرتميت أرضاً ومن شدة شعورى بالقهر ارتفع ضغطى ودخلت فى غيبوبة فلقد أغضبنى اننى امرأة سبعينية وهو ششاب صغير ولكنه لم يتردد فى ضربى …. كما لن أنسى انه بمجرد وفاة زوجى وبعد مرور شهر فقط طالبونى بالرحيل عن سكن “الاشلاق” الذى كنت أسكن به دون مراعاة لأننى أرملة ومفطورة القلب على فقدان ولدى.. عندما لم أنفذ الإخلاء تفاجأت ذات صباح بقوة من الشرطة والأمن شاهرة لسلاحها تطوق منزلى لتجبرنى على الإخلاء الفورى.. ولكنى لم انصاع أيضاً بل خرجت عليهم غاضبة وبذات درجة حزنى على ولدى إمتلأت هياجاً وصرخت بهم ان يشهروا سلاحهم كما يشاؤون فأنا لن أخاف وطلبت منهم أن يطلقوا الرصاص بصدرى وهتفت بملء الفم: يسقط يسقط عمر البشير… فروحى ليست أعز من روح ولدى الذى كان يستعد للزواج وكان يفترض أن يتم زفافه ثالث أيام العيد الذى إغتالوه فيه..ورفضت أن تطأ قدم أى عسكرى لمنزلى فنحن لدينا كرامة وسنخرج من منزلنا معززين ولن أسمح لنظام البشير برمينا خارج منزلنا وإذلا لنا بإخلاء أثاثنا فى الطريق العالم.. قلت لهم قتلتم أبنى وزوجى وتريدون رمى أثاثى بالطريق لم ؟ هل أنا لست مواطنة بهذا البلد ، لن تفعلوا فأنا سودانية وتخرجوا أنتم ونبقى نحن عندما رأوا مقدار غضبى نظر بعضهم لبعض واخفضوا سلاحهم وإنسحبوا خجلين… منذ استشهاد ابنائنا ونحن نواصل عملنا ولن نتوقف صحيح عانينا جداً.. لكن ..”ان الله مع الصابرين اذا صبروا.”
الرائدة نفيسة المليك والدة الشهيد أكرم الفاتح دفع الله :
رائد طيار أكرم الفاتح يوسف
ولد في ام درمان حي الملازمين 1962 .
• تلقى تعليمه في المراحل المختلفة في ام درمان.
• التحق بكلية الطيران بامبابة – مصر 1981.
• التحق بسلاح الطيران بعد ان تلقى التدريب العسكري بالكلية الحربية عام 1984.
• عمل في مناطق متفرقة في جنوب السودان، وكان يعمل قبل استشهاده بقاعدة الخرطوم الجوية .
• اسهم في عمليات انقاذ المواطنين أبان السيول والامطار عام1988.
• حاصل على عدد من الاوسمة وانواط الجدارة من قيادة القوات المسلحة
• متزوج من الاستاذة الجامعية مها علي رجب وانجبا طفلا ، بعداستشهاده اطلق عليه اسم والده أكرم أكرم الفاتح يوسف .
تمر علينا ذكرى 28 رمضان ونحن ممزقين بالألم وهى ذكرى رغم ألمها الا اننا نحييها بإفتخار وكبرياء لإستبسال ابنائنا الشهداء. ولكن مايؤسف له ان حكومة الإنقاذ لم تراع أى أعراف أو مواثيق فى التحقيق معهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة وكنا نتمنى لو وجدوا الفرصة لكى يقولوا هدف ماكانوا يخططون له وحتى ان اعدموهم بعد ذلك. ولكنهم إغتالوهم غدراً فى ظرف ثلاثة أو أربعة ساعات فقط. ولم نعرف حتى الآن مقابرهم ونحن مطلبنا الآن أن نعرف مقابر أولادنا .. الشهيد كان شاب متفرد وذكى وطموح وكنا نتفاءل به وهو فى نظرنا من الصالحين اذ تمت ولادته فى يوم 28 رمضات ذات يوم وفاته . وسبب تفاؤلنا به ان تاريخ ميلاده دائما ماتحدث به أحداث مفرحة لمن هم حوله فمثلا: فى28 فبراير تمت ترقية والده كأصغر وكيل وزارة للتعاون وهو من المؤسسين لللعمل التعاونى فى السودان . كما أنها ليست صدفة ان يكونوا 28 شهيد فى يوم 28 رمضان.. وكان “صباح خير” ومقدام ومحب للخير ومنذ ان كان فى المدرسة الابتدائية وهو صاحب مبادرات وإهتمام بالآخرين للحد الذى يجعل اساتذته يذكرونه الى الآن ويتواصلون مع أسرتنا. ولقد كان مميزاً أكاديمياً فرغم انه إلتحق بالمدرسة باكراً بالنسبة لأقرانه فى ذلك الوقت اذ دخل وعمره خمس سنوات إلا انه ظل متفوقاً.. ومن صغره وهو مولع بالطائرات وعشقه كان أن يصبح طياراً. وبالفعل عندما رغب فى دخول الجيش كنت غير متحمسة لذلك ولكن شجاعته وحبه للبلد دفعانى للرضوخ لرغبته خصوصاً وانه حاول اقناعى انه يرغب فى ان يصير رائد فضاء..وكان يحب الفيزياء لحد النبوغ اذ كانت هناك مسألة فيزياء معقدة فى العام الذى إمتحن فيه الشهادة وكان هو الطالب الوحيد فى السودان الذى تمكن من حلها فتمت الإشادة به. كانت به بوادر نبوغ.. وبرأيى انهم جميعا كان بهم صلاح بدرجة ما اذ استقراءوا الأحداث وعرفوا ماستؤدى به الطغمة الحاكمة السودان وحاولوا ان يمنعوا ذلك . وأذكر انه كان شجاع بصورة مميزة وهو طفل صغير فى عمر ثمانية سنوات كان منضوياً للكشافة البحرية وذات مرة كان يقود قارب فى احتفال ومعه آخرون أكبر منه عمراً فاستصغره أحدهم بأن سأله: ياولد انت كان المركب دى انقلبت بتعرف تعوم” فماكان منه الا وأن قفز بوسط النيل الأزرق وأكمل المشوار سباحة رغم نداءات وتوسلات أصدقاءه. لذا فهو كان صميم جداً… كما كان متدين وعندما تم إغتياله كان قبلها قد صلى الصبح بالناس فقد كان مناوباً تلك الليلة بقاعدته … المحزن ان هؤلاء الطغمة بعد ان إغتالوهم حاولوا تشويه سمعتهم فالمدعو محمد الأمين خليفة ذكر كذباً ان كل الشهداء كانوا سكارى!!! ولم يراعوا حتى انه من الإسلام ان نذكر محاسن موتانا دعك عن انه كذب وإفتراء وهذا الإسلوب ان دل يدل على خوفهم من الشهداء أحياء وأموات . وانا أؤكد ان كل الموجودين بالسلطة سيلاقواالإبعاد من السلطة و مصير محمد الأمين خليفة وبصورة أقسى لأن دماء الأبرياء لن تروح هدراً.
زكية الحاج عثمان حسين زوجة الشهيد العقيد أركان حرب بشير مصطفى بشير:
عقيد أ.ح. بشير مصطفى البشير
الدفعة .24 ولد الشهيد بالخرطوم – حي السجانة في عام 1953 . متزوج وأب لطفلين . التحق الشهيد بالكلية الحربية السودانية وتخرج فيها برتبة الملازم في 30 يونيو 1973 . نقل إلى سلاح المدفعية بعطبرة بعد تخرجه حيث حضر دورات تدريبية عديدة في علوم المدفعية . أوفد إلى جمهورية مصر العربية وتحصل فيها على شهادة قائد كتائب مدفعية ميدان . تحصل على شهادة الاركان من كلية الاركان السودانية في عام 1987 . عمل في وحدات مدفعية عديدة وبعدها نقل كقائد لمدفعية الفرقة المظلية بمعسكر شمبات بالخرطوم بحري وقد ظل قائدها حتى اعدامه . من الضباط المشهود لهم بالكفاءة والانضباط والذين عرفوا بحبهم للقوات المسلحة وللوطن . من أقواله المأثورة التي يظل يكررها لجنوده :
« إن شرف العسكرية في حماية تراب الوطن وحرية مواطنيه فإذا انتهكت احداهما ذهب الشرف والكرامة».
زوجى كان معروف بشجاعته وتواضعه فكان محبوب وسط عساكره فى سلاح المظلات بشمبات وكان عطوف . ولقد خرج مساء الأحد ولانه قليل الحديث حول عمله لم يخبرنى بتفاصيل فقط ذكر لى انه قديبيت خارحاً فيما بعد ذكر لى الجيران انهم رأوه يودع أطفالنا فى الخارج وهو فى طريقه لسيارته وكان حينها أكبر أولادى فى السنة الثامنة فى الأساس والصغير عمره سنتين فقط.وفى الصباح سمعت ان هناك مجموعة قامت بإنقلاب فتوجست وانتظرت وحوالى الساعة الحادية عشر فى اليوم الثانى أتى أحد أصدقاءه وأخبرنى ان بشير زوجى مشترك فى الإنقلاب ورغم انه قلل لى من أهمية عواقب ذلك وان الأمر على الأرجح لن يتجاوز أيام وسيعود ولكنى شعرت مباشرة بالخطر فلقد كنت واقفة فسقطت مباشرة على الكرسى لأن أقدامى لم تحملنى وقلت له : ناس الإنقاذ ديل أعدموا مجدى فى العملة معقولة يخلوهم.” ورغم انه أكد لى ان الأمر لن يتجاوز تجريدهم من العملة الا اننى لم أطمئن إطلاقاً. حوالى الساعة الثالثة ظهراً كان أطفالى يجلسون أمام التلفزيون فتفاجأنا به يعلن نبأ إعدام والدهم رمياً بالرصاص وعند ذهاب أهل الشهداء لإستلام الجثث تفاجأوا فى القيادة العامة بأنهم تم طردهم وتهديدهم بالسلاح للابتعاد… ومن وقتها ونحن مطاردين يستدعونا ويعتقلونا وأذكر انه فى يوم كنا نقيم الذكرى فى بيت أمنة الكدرو بالحاج يوسف وهى أسرة أحد الشهداء أتى عناصر الأمن بحافلات وإقتادوا كل المدعوين للتأبين الى القيادة العامة وكان التأبين فى الذكرى الثالثة اذ أطفالنا كانوا لازالوا صغار بل كانت بعض زوجات الشهداء يحملون أطفال صغار جدا تمت ولادتهم بعد اغتيال ابائهم فحبسونا داخل هذه الحافلات داخل القيادة العامة وأطفالنا يبكون من الحر وإنعدام الأكسجين فى الحافلات المغلقة لأكثر من ثلاثة ساعات ولم يعطفوا عليهم ولا على أمهات الشهداء المسنات وبعد ساعات طوال طلبوا مننا أن نوقع على إلتزام بعدم تنظيم أى نشاط لنا كأسر شهداء فرفضنتا بقوة وعندما تواجهوا بصلابة موقفنا إضطروا لإطلاق سراحنا بعد ساعات طويلة أيضا.. ذات نهار كنت فى السوق وعندما رجعت وجدتهم قد قلبوا غرفتنا رأساً على عقب لم يتركوا شىء فى مكانه أخذوا أى ورقة وكسروا دواليبنا وكانت لدى شهادات أصلية جامعية تخص أختى أخذوها فضاعت للأبد.. طوال هذه السنوات يراقبونا ويداهمونا ونحن لانطالب بشىء سوى حقنا المشروع فى معرفة مقابر شهدائنا..أننا لم نطالب بأى حقوق مالية أو خلافه فزوجى مثلاً كانت لديه قطعة أرض سحب قرعتها فى اليوم الثامن من رمضان وعندما ذهب زملاؤه للسؤال عنها أخبروهم انه تم شطب أسمه ولقد ذهب زملاؤه هؤلاء من أنفسهم فنحن وكل أسر الشهداء لم نسأل عن حقوق مالية وخلافه قط . والحمد لله رغم معانأتنا استطعنا أن نربى أولادنا..طالبنا بحقيبته التى خرج بها من منزله وحتى عربته التى كان يقودها لم يسلموها لنا الا بعد ستة أشهر… أولادى لازالوا يعانون فطفلى الصغير كان يطلب حتى سن السادسة ان يشتروا له مسدس ليقتل البشير لانه قتل والده.. والكبير حاول الخروج من البلاد وفشل لانه كره السودان ..
الشهيد كان مميزاً فى عمله فقد كان أول دفعته فى كلية القادة والأركان وأذكر انه تلقى منحة للدراسة بالقاهرة وأثناء تواجدنا هناك ألتقينا بكرى حسن صالح وكان يزورنا يومياً تقريباً فقد كان يسكن فى الكلية الحربية مع الشهيد فى ذات الغرفة ، وعندما كنا هناك إستولت مجموعته على النظام . ولقد سمعت شائعات انه طلب من زوجى بعد اعتقاله ان يقدم أى تنازل ليفرج عنه وسمعت ان زوجى قال له : موت بشجاعة ولا حياة بإنهزام” وسمعنا إنهم ظلوا يهتفوا حتى لحظة إستشهادهم.
خديجة عثمان زوجة العميد محمد أحمد قاسم:
عقيد أ.ح. محمد أحمد قاسم
• ولد الشهيد بمدينة الخرطوم بحري في عام 1945. تلقى دراسته الابتدائية فيها وفي المدرسة الاميرية الحكومية بالخرطوم بحري ، وتخرج في مدرسة الخرطوم الثانوية في عام 1964 . متزوج وأب لتسعة اطفال يعيشون الان بمنزل متواضع في قرية جبل اولياء .التحق بالكلية الحربية السودانية في يناير 1965 وتخرج منها برتبة ملازم في ديسمبر 1966 · عمل الشهيد في القيادة الشرقية بالقضارف في عام 1967 ولمدة عام وبعدها اوفد إلى بريطانيا لدورة تدريب مظليين ليعود منها في عام 1968 ضمن الفريق الذي قام بتأسيس سلاح المظلات السوداني . تلقى دورة تدريبية معلم قفز بجمهرية مصر العربية ودورة اسقاط ثقيل في المملكة العربية السعودية . عمل الشهيد بمناطق العمليات في جنوب السودان في الفترة 1983-1985 وعرفت عنه شجاعته وقوة تحمله الفريدة .
• أحد ضباط الانتفاضة الذين فرضوا قرار انحياز القوات المسلحة للشعب وقد ادى ذلك لاحقا إلى اعفائه من الخدمة بقرار من المجلس العسكري الانتقالي وعلى اثر وشاية من العقيد عمر حسن أحمد البشير الذي أخطر الاستخبارات العسكرية بأن قاسم ومجموعة ضباط يرفضون سياسات المجلس الانتقالي ويعدون لانقلاب . رفع الشهيد وممجموعة ضباط قضية مدنية لاشانة السمعة ضد جريدة (الراية) في عام 1987 وحكم القضاة لصالحهم ، لذا ظل في قائمة اعداء الجبهة الاسلامية .اعيد العقيد محمد احمد قاسم إلى الخدمة العسكرية في يناير 1989 بقرارا من الفريق فتحي أحمد علي القائد العام آنذاك وذلك بتلبية رغبة العديد من الضباط ولرفع الظلم عن ضابط كفء متفان في اداء واجباته . في ليلة (30 يونيو – 1 يوليو) أي بعد اليوم ا لاول لانقلاب الجبهة حاول العقيد القيام بتحركات في سلاح المظلات في محاولة مضادة ولكن استدعى إلى مقر القيادة العامة وابعد من المظلات باحالته للتقاعد في نفس الليلة وارغم على ترك المعسكر . طوال الاشهر الاخيرة من العام 1989 عمل الفقيد بجهد واخلاص وسرية في بناء حركة الضباط الاحرار للقضاء على نظام الجبهة الاسلامية .
• اعتقل الشهيد للاشتباه في نشاطه صباح يوم 21 أبريل أي قبل الانقلاب بثلاثة أيام واحتجز في زنزانة بسطح مبنى أمن الدولة حتى لحظة اعدامه بدون محاكمة فجر يوم 25 أبريل 1990 .
• الشهيد زميل البشير في الدراسة بمدرسة الخرطوم الثانوية وفي الكلية الحربية وسلاح المظلات لمدة أكثر من 25 عاما ولكن لم يتردد الاخير في الوشاية به ثم طرده واخيرا اعدامه تنفيذا لاهداف حزبه
زوجى تم إعتقاله منذ يوم 21 رمضان أى قبل الحركة مع اللواء عثمان بلول ، هاجمونا الساعة الواحدة صباحاً وفتشوا المنزلوإعتقلوه بجهاز الأمن فى ذلك الوقت ولم نعرف عنه شىء الا الساعة الثالثة ظهرا عندما أذاعوا نبأ اعدامه وكانت لحظات قاسية. فأنا لدى تسعة أطفال صعقوا بأن والدهم إختفى من حياتهم دون مقدمات . فلقد كان أولادى يجلسون أمام الراديو ليسمعوا عمر البشير الذى يعرفونه يعلن إعدام والدهم . وهم يعرفون عمر البشير لانه كان صديق لزوجى منذ الثانوى وكان يزورنا فى المنزل ويبيت معنا ويدخل المطبخ معنا وكانت علاقتنا الأسرية به قوية. لم يسأل عنا البشير الا بعد عام كامل حيث أتانى أحد أصدقاء زوجى وقال لى ان البشير يسأل عنكم فعنفته ” وقلت له نصاً: اذا بتجيب لى كلام زى ده تانى ماتجى فى بيتى عمر البشير مسئول عن قتل زوجى ويسأل مننا؟” وبالفعل لم أسمع عنه شىء مرة أخرى. إلا مرة واحدة جاءنى عسكرى وأخبرنى أيضاً ان البشير يسأل مننا فأرسلت ردى بقصيدة قلت له أذهب وقل له:
قسماً قسماً لن ننهار
وأسر الشهداء تجيب التأر
انشاء الله دماءنا تسيل أنهار
وياسودانى وأسفاً على شبابك الثوار
وفى رمضان مقابل العيد يموتوا أحرار
بيد غدار وأصلوا حمار ؟
متستر بستار الدين وعامل اللحية ليهو شعار
ونحن حننظم الأشعار وجوه قلوبنا مولع نار
وين ياخالد ود الزين؟
وين أيامك الحلوين
ياسيفاً قوى مابلين
وياقاسم ياحازم يامغوار
يوم كتلوك دا يوماً حار
خلفت وراك أطفال صغار
مصيرهم يوم حيبقو كبار
يجيبوا التأر من الغدار
بشير الطيب..يأسماً على مسمى
كتلوك خائنين العهد والذمة
ماراعوا ليك شجاعة ولا بسالة ولا همة
مصيرك كاتل الأبطال مصيرك يوم حتتغم
ويامدثر قوم انزل كلاب الجبهة ماتتراجع
وده الخلف فينا الآلآم وفينا مواجع
أنت تحارب أنت تصارع
فى بلداً بعيداً ناجع
جزاك طلقات خائنة وغادرة فى صدرك اليانع!!!!
وظلوا يلا حقوننا ويعتقلوننا وقبل ثلاثة سنوات إعتقلوا أولادنا لانهم كانوا يرتبون للتأبين السنوى لآبائهم بمنزل اللواء عثمان بلول فداهموا المنزل وكانوا عربتين من المسلحين وكل أولادنا كانوا سبعة فقط..فإنهالوا عليهم ضرباً وأخذوهم لمكاتب الأمن وإعتقلوهم لأيام وظلوا يعتقلونهم وصادروا عرباتهم . وهددونا بأنهم سيصادرون بيوتنا ان قمنا بعمل التأبينات فيها. ورغم ذلك كل عام نطالب بذات مطلبنا أن نسلم جثثهم ونعرف مقابرهم وان نطلع على حيثيات محاكمهم.ولقد كنا نذهب لهم فى منازلهم ليطلعونا على ماجرى فى محاكمتهم فذهبنا لشدو فطردنا من منزله . وذهبنا الى المحكمة الدستورية وديوان النائب العام الذى وجدناه محاطاً بالمسلحين فى إنتظارنا .. ونحن مظلومين فقد قتلوا أزواجنا وابنائنا فى الأهر الحرم ومنذ واحد وعشرين عاماً ونحن فى كل عام نتقدم بمذكرة للنائب العام دون رد. ولكنا مؤمنين ان لكل شىء نهاية .
عالية حسن كرار أخت الشهيد عبد المنعم حسن على كرار :
عقيد أ.ح. عبدالمنعم حسن علي كرار
• ولد الشهيد بمدينة الابيض في 11/6/1951 بمحافظ كردفان.
• متزوج وله اربعة اطفال .·
• تلقى تعليمه بالخرطوم وتخرج في مدرسة الخرطوم الثانوية في عام 1972 ، التحق بالكلية الحربية في العام 1973 وتخرج في العام 1976 برتبة ملازم .
• انضم لسلاح المظلات بعد التخرج وتدرج في الرتب المختلفة وتلقى تدريبا في القفز في جمهورية مصر العربية وحضر دورتين في الولايات المتحدة الامريكية .
• نال شهادة الاركان حرب من كلية القادة والاركان السودانية في مارس 1989 .
• تم انتدابه للعمل في الامارات العربية المتحدة في العام 1987.
• عرف عن الشهيد حبه وولاه لتراب الوطن وكان عضوا فعالا في تنظيم الضباط الاحرار وكان آخر المتحدثين في اجتماع المظلات الشهير نهار 5 أبريل 1985 مع الفريق تاج الدين مطالبا بانحياز القيادة لجانب الانتفاضة الشعبية .
•كان له موقف واضح ومعارض لانقلاب الجبهة وحاول القيام بعمل مضاد مع الشهيد العقيد محمد أحمد قاسم والشهيد المقدم بشير الطيب وتمت احالتهم للتقاعد صباح اول يوليو 1989.
يوم الإعدامات نحن سمعنا الخبر مثلنا مثل أى شخص فى الإذاعة .. ولقد كان هؤلاء الشهداء من خيرة القوات المسلحة وكانوا وطنيين بحق ولقد كان هدف حركتهم إستعادة الديمقراطية ولم تحركهم مطامع السلطة بل حبهم للوطن اذ نص برنامجهم على قيام فترة إنتقالية لمدة خمس سنوات وبعدها تقام إنتخابات ديمقراطية حرة. وقع الإعدامات كان كالصاعقة على رؤوسنا ..فأخى الشهيد كان له وضع خاص بالأسرة اذ كان الأبن الوحيد بعد عشرة بنات لذا فلقد إكتسب محبة وإهتمام الجميع ولكنه لم ينشأ كطفل مدلل بل على العكس لقد استطاع ان يبادل من حوله المحبة والإهتمام وعندما كبر كانت أخواته العشرة يعتمدن عليه ويشاورنه رغم انه أصغر منهن.. ورغم ان من بعده أتى ولدان الا إن تميز شخصيته كان كبيراً .. لذا كان الحزن عليه من قبل كل الأسرة عالياً وتوفيت والدتى وهى بحسرتها عليه اذ كانت تتمنى أن ترى قبره فقط… فى يوم استشهاده وضعت زوجته طفلة ولقد حاول ان يرسل من معتقله من يطمئنه عليها وقال له أن يقول لها إن هذا طريق هو مؤمن به وسيمشى به حتى نهايته… وكان إعدامه بداية حزن كبير لكل الأسرة فرغم ان السنوات قد طالت الا ان فقده ظل حاراً ولاتمر مناسبة الا ونكون متألمين لفقده..لقد سكن منزلنا حزن يدفنه بعضنا داخله ولكنه يتفجر فى لحظات مختلفة….بكاء حار….لم نستطيع ان نتجاوز حزننا أبداً.. ولا أظننا سنستطيع طالما هذا النظام موجود فنحن نشاهدهم فى التلفزيون كل صباح يذكروننا بجريمتهم وغدرهم بأخواننا وابناءنا..
لم نسكت كأسر شهداء ولم نتخاذل وبعد ثلاثة أيام خرجنا فى مسيرة ضخمة أرعبتهم وإعتقلوا المشاركات والمشاركين فيها ومن يومها وهم يخافون منا لأنهم يعلمون جيداً اننا لسنا وحدنا بل خلفنا كل الأحرار السودانيين الذين يرفضون الظلم ولا يقبلون بأن لاتعرف أم أو زوجة أو أخت قبر فقيدها.
حاولوا تشتيتنا وكسر إرادتنا بصور مختلفة فإستخدموا الترهيب ولم يجدى واستخدموا الترغيب فلم يجدى أيضا اذ أذكر إن عمر البشير أرسل لوالدتى يستأذن فى القدوم إلينا ليتقدم بالعزاء فى الشهيد فإكتفت والدتى “نفيسة كامل” بقول: قل له لن أضمن سلامتك ان حضرت” .. أفقروا أسر الشهداء كما أفقروا كل الشعب السودانى وحاول إغراءهم بالمال فمثلا كانوا يقدمون لهم عروض مالية بحجة انها حقوق أو انها مساعدات لأسر الشهداء الا ان حزن هذه الأسر وغبنها كان أكبر درع تجاه محاولاتهم..
أذكر ان فى وفاة إبن أخت لنا حضر عمر البشير وكان معه عبد الرحيم محمد حسين للعزاء فوقفنا فى وجهه وهتفنا ضده أمام حرسه وطرناه من منزلنا هو ومن معه…
مايؤلمنا كأسر هو ظلمنا بعدم معرفة مدفنهم .وشعورنا بظلمهم فقد سمعنا الكثير من الحديث حول انهم اساءوا معاملتهم لحدود غير إنسانية فقد ذكر لنا شهود عيان ان إبراهيم شمس الدين كان يقف بإنتظار أياً منهم عند نزوله من الحافلة التى أحضروهم بها وهم مكبلين وكان شمس الدين يصفع الواحد منهم ويركله الى ان يسقط بالأرض ليبصق عليه وهو تحت أرجله ..ولقد كان حاضراً لتنفيذ الإعدام بهم أبراهيم شمس الدين والزبير والخنجر وضحوى وكمال على مختار الذى سمعه الشهود يهلل فرحاً ويقول: شوفوا عيونهم جحظت كيف.؟ وسبحان الله لقد إنتقم الله من هؤلاء فى الدنيا قبل الآخرة فحتى من نفذ الإعدام بهم”ودالحاج” حصل له حادث حركة شنيع ورقد فى الفراش طويلا وأصيب بالسرطان وتوفى.
بكل فخر أقول اننا كأسر شهداء ظللنا نقاتل ونناضل وكنا بالشارع عندما لم يكن به غيرنا وكانت الإنقاذ فى أوج عنفوانها وتعرضنا للتعذيب والاعتقال والضرب والإهانات الا اننا لم ولن ننهزم مالم يسقط النظام الذى قتل شهدائنا.
محمد ياسين أخ الشهيد الرائد معاوية ياسين:
الرائد معاوية يسن علي بدر
• مواليد قرية صواردة – منطقة السكوت/النوبة 1960م
• درس الابتدائية بالحفير – والمتوسطة بمشو – والثانوية بمدرسة كورتي.
• التحق الشهيد بالكلية الحربية وتخرج ضمن الدفعة (32). ضابط مدرعات.
• عمل بمنطقة خشم القربةالعسكرية.
• عمل بمنطقة الشجرة العسكرية كقائد لسرية دبابات.
• حضر العديد من الدورات بمدرسة المدرعات فى كررى.
• التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم
لقد كانت حركة رمضان حركة قومية قام بها شباب منورين يؤمنون بالديمقراطية ورغبوا فى استعادتها . لاأذكر لأخى الشهيد أحاديث كثيرة فى السياسة الا اننى أذكر تعليقه على تجربة الدفاع الشعبى بأنه قال:”ديل دايرين يضيعوا الجيش” ولقد كان وطنى غيور ومؤمن بالعدالة هو وكل من معه كانوا مؤمنين بالديمقراطية والعدالة، لقد تأذينا كثيراً كأسر وظلمنا ونحن نطالب بحق إنسانى ان نعرف أين دفن أخواننا وأولادنا بماذا أوصوا كيف تمت محاكمتهم! ..ورغم كل هذه المضايقات الا اننا لن نستسلم ولن يكون شعار عفا الله عما سلف أحد شعاراتنا فى وقت من الأوقات..
لن نوقف نضالنا لقد وصلنا حتى المحكمة الدستورية وظلوا يرفضون تسلم مذكراتنا..
ونحن هذا العام ننادى بأسم كل الدماء التى سفكت فى هذا الوطن بأسم الشهداء فى الخرطوم ودارفور وجنوب كردفان الا تدخل الأحزاب فى أى تفاوض مع هذا النظام فطالما النظام يغرق فى دماء الأبرياء لن يكون لأى اتفاق معه أمل ولن ينتج سلام فهذا النظام فصل السودان على مقاسه ولن يشرك معه أحد. ونطالب بإحقاق العدل أولاً .
August 28, 2011
(حريات خاص)
يقيم شهداء 28 رمضان مساء اليوم الذكرى السنوية في منزل السيد الفاتح يوسف/ السيدة نفيسة المليك بالملازمين، و(حريات) تحيي ذكرى الشهداء برصد إفادات أسرهم حول معاناتهم طيلة 21 عاما.
وكان نظام “الإنقاذ” أعدم الشهداء في يوم 28 رمضان الموافق 23 أبريل 1990م بعد إعطاءهم الأمان ووفق محاكمات إيجازية ولم يعلن حتى الآن عن مكان دفنهم مما سبب جرحا غائرا لدى أسرهم وفي المجتمع السوداني، وظل يوم 28 رمضان سنويا مناسبة لتحسس ذلك الجرح الفائر.
ففي كل عام والمسلمين فى العالم أجمع يقبلون على العيد بفرح تجابه 28 الأسر مرارة الذكرى، وتجابه مطاردة السلطات وتعتقلهم وتعذبهم حتى صار طعم العيد لدى صغارهم مخلوطا بخوف اعتقال أو مداهمة. (حريات) التقت بعض من هذه الأسر ليسردوا تفاصيل معاناتهم طوال واحد وعشرين عاماً. وكانت النتيجة الإفادات التالية:
إبتهاج أبو القاسم محمد الحسن شقيقة الشهيد عصام الدين أبو القاسم محمد الحسن :
ولد بمدينة الخرطوم وتلقى تعليمه بها.
• والتحق بالكلية الحربية وتخرج فيها ضمن الدفعة (29) ضابط مدرعات.
• تلقى العديد من الدورات فى مدرسة سلاح المدرعات
بصوت راجف سردت أخت الشهيد عصام مسيرة الآلآم لواحد وعشرين عاماً فقالت: بعد إغتيال أخى الشهيد مرضت والدتى من شدة حزنها وشعورها بالظلم والقهر لأنها لم ترجثمانه ولم ترى حتى قبره. مرضت بمرض ضيق الشرايين. وتوفى والدى بذبحة صدرية بعد شهور قلائل من فقدان وإغتيال أخى. أما أخى الأكبر فكان يتم اعتقاله بشكل متواصل ويأتى أفراد الأمن دائماً لتفتيش منزلنا لأننا كغيرنا من أسر الشهداء طالبنا بمعرفة مكان دفنهم وتسلم جثثهم وكنا بنتعرض دائما وأبداً للمداهمات الليلية . أذكر اننا كنا لانزال أطفال ونحتاج بعض الأوقات فى الليل لماء أو خلافه وكنا عندما نلمس أمى تنتفض من الخوف واقفة….”بكاء”… كنا نظل لدقائق طويلة نبسلم لها “بسم الله ياأمى” حتى تهدأ ولاتخاف … وننتظرها لتأمن ومن ثم نطالبها بماء أو خلافه…”بكاء طويل” أسفة.. لقد عانينا طويلا..فى كل ذكرى لإستشهاد ابنائنا وأخواننا كنا نخرج مطالبين بحقنا الإنسانى فى معرفة مقابرهم . والسلطة تستقبل تحركنا هذا بالعنف والضرب والإعتقالات والإهانات … فى كل عيد كنا نفتقد أبى وأخى وأخوانى المتبقيين لأنهم كانوا يعتقونهم طوال فترة العيد ..العيد صار بالنسبة لنا مناسبة لألم غير إعتيادى … هذا النظام عذبنا وجعلنا ننتظر العيد مترقبين ماسيحل علينا من تعذيب.. مع إشتداد الضغط علينا كأسرة أجبر أخوانى على الهجرة ومغادرة البلاد ككثير من أبناء أسر الشهداء، ونتيجة كل هذه الضغوط أصابت أمى بمرض ضغط الدم ولازلنا نعانى كأسرة كثيراً…
والدة الشهيد عصام أبو القاسم:
منذ إغتيال ابناءنا الشهداء ونحن نطالب بتسليمنا جثثهم أو مكان مقابرهم. ولم ولن نسكت مطلقاً عن حقنا فى ذلك. رغم الاعتقالات والتعذيب.. تعرضت لإهانات كثيرة أذكر منها انه فى احدى المرات التى خرجنا فيها نطالب بحقنا المشروع فى معرفة أين يدفن أبنائنا . وقف ضابط أمن يستفزنا فقال لنا :يانسوان ده يوم تمرقوا فيهو؟ أنتو ماعندكم وليان ولا شنو” فرددت عليه اننى تحديداً ليس لدى رجال لأن نظامه قتلهم اذ إغتال إبنى ومات والده حسرة عليه وهاجر أخوانه من فرط التعذيب الواقع عليهم. وتفاجأت به يصفعنى”كف” حتى إرتميت أرضاً ومن شدة شعورى بالقهر ارتفع ضغطى ودخلت فى غيبوبة فلقد أغضبنى اننى امرأة سبعينية وهو ششاب صغير ولكنه لم يتردد فى ضربى …. كما لن أنسى انه بمجرد وفاة زوجى وبعد مرور شهر فقط طالبونى بالرحيل عن سكن “الاشلاق” الذى كنت أسكن به دون مراعاة لأننى أرملة ومفطورة القلب على فقدان ولدى.. عندما لم أنفذ الإخلاء تفاجأت ذات صباح بقوة من الشرطة والأمن شاهرة لسلاحها تطوق منزلى لتجبرنى على الإخلاء الفورى.. ولكنى لم انصاع أيضاً بل خرجت عليهم غاضبة وبذات درجة حزنى على ولدى إمتلأت هياجاً وصرخت بهم ان يشهروا سلاحهم كما يشاؤون فأنا لن أخاف وطلبت منهم أن يطلقوا الرصاص بصدرى وهتفت بملء الفم: يسقط يسقط عمر البشير… فروحى ليست أعز من روح ولدى الذى كان يستعد للزواج وكان يفترض أن يتم زفافه ثالث أيام العيد الذى إغتالوه فيه..ورفضت أن تطأ قدم أى عسكرى لمنزلى فنحن لدينا كرامة وسنخرج من منزلنا معززين ولن أسمح لنظام البشير برمينا خارج منزلنا وإذلا لنا بإخلاء أثاثنا فى الطريق العالم.. قلت لهم قتلتم أبنى وزوجى وتريدون رمى أثاثى بالطريق لم ؟ هل أنا لست مواطنة بهذا البلد ، لن تفعلوا فأنا سودانية وتخرجوا أنتم ونبقى نحن عندما رأوا مقدار غضبى نظر بعضهم لبعض واخفضوا سلاحهم وإنسحبوا خجلين… منذ استشهاد ابنائنا ونحن نواصل عملنا ولن نتوقف صحيح عانينا جداً.. لكن ..”ان الله مع الصابرين اذا صبروا.”
الرائدة نفيسة المليك والدة الشهيد أكرم الفاتح دفع الله :
رائد طيار أكرم الفاتح يوسف
ولد في ام درمان حي الملازمين 1962 .
• تلقى تعليمه في المراحل المختلفة في ام درمان.
• التحق بكلية الطيران بامبابة – مصر 1981.
• التحق بسلاح الطيران بعد ان تلقى التدريب العسكري بالكلية الحربية عام 1984.
• عمل في مناطق متفرقة في جنوب السودان، وكان يعمل قبل استشهاده بقاعدة الخرطوم الجوية .
• اسهم في عمليات انقاذ المواطنين أبان السيول والامطار عام1988.
• حاصل على عدد من الاوسمة وانواط الجدارة من قيادة القوات المسلحة
• متزوج من الاستاذة الجامعية مها علي رجب وانجبا طفلا ، بعداستشهاده اطلق عليه اسم والده أكرم أكرم الفاتح يوسف .
تمر علينا ذكرى 28 رمضان ونحن ممزقين بالألم وهى ذكرى رغم ألمها الا اننا نحييها بإفتخار وكبرياء لإستبسال ابنائنا الشهداء. ولكن مايؤسف له ان حكومة الإنقاذ لم تراع أى أعراف أو مواثيق فى التحقيق معهم ومحاكمتهم محاكمة عادلة وكنا نتمنى لو وجدوا الفرصة لكى يقولوا هدف ماكانوا يخططون له وحتى ان اعدموهم بعد ذلك. ولكنهم إغتالوهم غدراً فى ظرف ثلاثة أو أربعة ساعات فقط. ولم نعرف حتى الآن مقابرهم ونحن مطلبنا الآن أن نعرف مقابر أولادنا .. الشهيد كان شاب متفرد وذكى وطموح وكنا نتفاءل به وهو فى نظرنا من الصالحين اذ تمت ولادته فى يوم 28 رمضات ذات يوم وفاته . وسبب تفاؤلنا به ان تاريخ ميلاده دائما ماتحدث به أحداث مفرحة لمن هم حوله فمثلا: فى28 فبراير تمت ترقية والده كأصغر وكيل وزارة للتعاون وهو من المؤسسين لللعمل التعاونى فى السودان . كما أنها ليست صدفة ان يكونوا 28 شهيد فى يوم 28 رمضان.. وكان “صباح خير” ومقدام ومحب للخير ومنذ ان كان فى المدرسة الابتدائية وهو صاحب مبادرات وإهتمام بالآخرين للحد الذى يجعل اساتذته يذكرونه الى الآن ويتواصلون مع أسرتنا. ولقد كان مميزاً أكاديمياً فرغم انه إلتحق بالمدرسة باكراً بالنسبة لأقرانه فى ذلك الوقت اذ دخل وعمره خمس سنوات إلا انه ظل متفوقاً.. ومن صغره وهو مولع بالطائرات وعشقه كان أن يصبح طياراً. وبالفعل عندما رغب فى دخول الجيش كنت غير متحمسة لذلك ولكن شجاعته وحبه للبلد دفعانى للرضوخ لرغبته خصوصاً وانه حاول اقناعى انه يرغب فى ان يصير رائد فضاء..وكان يحب الفيزياء لحد النبوغ اذ كانت هناك مسألة فيزياء معقدة فى العام الذى إمتحن فيه الشهادة وكان هو الطالب الوحيد فى السودان الذى تمكن من حلها فتمت الإشادة به. كانت به بوادر نبوغ.. وبرأيى انهم جميعا كان بهم صلاح بدرجة ما اذ استقراءوا الأحداث وعرفوا ماستؤدى به الطغمة الحاكمة السودان وحاولوا ان يمنعوا ذلك . وأذكر انه كان شجاع بصورة مميزة وهو طفل صغير فى عمر ثمانية سنوات كان منضوياً للكشافة البحرية وذات مرة كان يقود قارب فى احتفال ومعه آخرون أكبر منه عمراً فاستصغره أحدهم بأن سأله: ياولد انت كان المركب دى انقلبت بتعرف تعوم” فماكان منه الا وأن قفز بوسط النيل الأزرق وأكمل المشوار سباحة رغم نداءات وتوسلات أصدقاءه. لذا فهو كان صميم جداً… كما كان متدين وعندما تم إغتياله كان قبلها قد صلى الصبح بالناس فقد كان مناوباً تلك الليلة بقاعدته … المحزن ان هؤلاء الطغمة بعد ان إغتالوهم حاولوا تشويه سمعتهم فالمدعو محمد الأمين خليفة ذكر كذباً ان كل الشهداء كانوا سكارى!!! ولم يراعوا حتى انه من الإسلام ان نذكر محاسن موتانا دعك عن انه كذب وإفتراء وهذا الإسلوب ان دل يدل على خوفهم من الشهداء أحياء وأموات . وانا أؤكد ان كل الموجودين بالسلطة سيلاقواالإبعاد من السلطة و مصير محمد الأمين خليفة وبصورة أقسى لأن دماء الأبرياء لن تروح هدراً.
زكية الحاج عثمان حسين زوجة الشهيد العقيد أركان حرب بشير مصطفى بشير:
عقيد أ.ح. بشير مصطفى البشير
الدفعة .24 ولد الشهيد بالخرطوم – حي السجانة في عام 1953 . متزوج وأب لطفلين . التحق الشهيد بالكلية الحربية السودانية وتخرج فيها برتبة الملازم في 30 يونيو 1973 . نقل إلى سلاح المدفعية بعطبرة بعد تخرجه حيث حضر دورات تدريبية عديدة في علوم المدفعية . أوفد إلى جمهورية مصر العربية وتحصل فيها على شهادة قائد كتائب مدفعية ميدان . تحصل على شهادة الاركان من كلية الاركان السودانية في عام 1987 . عمل في وحدات مدفعية عديدة وبعدها نقل كقائد لمدفعية الفرقة المظلية بمعسكر شمبات بالخرطوم بحري وقد ظل قائدها حتى اعدامه . من الضباط المشهود لهم بالكفاءة والانضباط والذين عرفوا بحبهم للقوات المسلحة وللوطن . من أقواله المأثورة التي يظل يكررها لجنوده :
« إن شرف العسكرية في حماية تراب الوطن وحرية مواطنيه فإذا انتهكت احداهما ذهب الشرف والكرامة».
زوجى كان معروف بشجاعته وتواضعه فكان محبوب وسط عساكره فى سلاح المظلات بشمبات وكان عطوف . ولقد خرج مساء الأحد ولانه قليل الحديث حول عمله لم يخبرنى بتفاصيل فقط ذكر لى انه قديبيت خارحاً فيما بعد ذكر لى الجيران انهم رأوه يودع أطفالنا فى الخارج وهو فى طريقه لسيارته وكان حينها أكبر أولادى فى السنة الثامنة فى الأساس والصغير عمره سنتين فقط.وفى الصباح سمعت ان هناك مجموعة قامت بإنقلاب فتوجست وانتظرت وحوالى الساعة الحادية عشر فى اليوم الثانى أتى أحد أصدقاءه وأخبرنى ان بشير زوجى مشترك فى الإنقلاب ورغم انه قلل لى من أهمية عواقب ذلك وان الأمر على الأرجح لن يتجاوز أيام وسيعود ولكنى شعرت مباشرة بالخطر فلقد كنت واقفة فسقطت مباشرة على الكرسى لأن أقدامى لم تحملنى وقلت له : ناس الإنقاذ ديل أعدموا مجدى فى العملة معقولة يخلوهم.” ورغم انه أكد لى ان الأمر لن يتجاوز تجريدهم من العملة الا اننى لم أطمئن إطلاقاً. حوالى الساعة الثالثة ظهراً كان أطفالى يجلسون أمام التلفزيون فتفاجأنا به يعلن نبأ إعدام والدهم رمياً بالرصاص وعند ذهاب أهل الشهداء لإستلام الجثث تفاجأوا فى القيادة العامة بأنهم تم طردهم وتهديدهم بالسلاح للابتعاد… ومن وقتها ونحن مطاردين يستدعونا ويعتقلونا وأذكر انه فى يوم كنا نقيم الذكرى فى بيت أمنة الكدرو بالحاج يوسف وهى أسرة أحد الشهداء أتى عناصر الأمن بحافلات وإقتادوا كل المدعوين للتأبين الى القيادة العامة وكان التأبين فى الذكرى الثالثة اذ أطفالنا كانوا لازالوا صغار بل كانت بعض زوجات الشهداء يحملون أطفال صغار جدا تمت ولادتهم بعد اغتيال ابائهم فحبسونا داخل هذه الحافلات داخل القيادة العامة وأطفالنا يبكون من الحر وإنعدام الأكسجين فى الحافلات المغلقة لأكثر من ثلاثة ساعات ولم يعطفوا عليهم ولا على أمهات الشهداء المسنات وبعد ساعات طوال طلبوا مننا أن نوقع على إلتزام بعدم تنظيم أى نشاط لنا كأسر شهداء فرفضنتا بقوة وعندما تواجهوا بصلابة موقفنا إضطروا لإطلاق سراحنا بعد ساعات طويلة أيضا.. ذات نهار كنت فى السوق وعندما رجعت وجدتهم قد قلبوا غرفتنا رأساً على عقب لم يتركوا شىء فى مكانه أخذوا أى ورقة وكسروا دواليبنا وكانت لدى شهادات أصلية جامعية تخص أختى أخذوها فضاعت للأبد.. طوال هذه السنوات يراقبونا ويداهمونا ونحن لانطالب بشىء سوى حقنا المشروع فى معرفة مقابر شهدائنا..أننا لم نطالب بأى حقوق مالية أو خلافه فزوجى مثلاً كانت لديه قطعة أرض سحب قرعتها فى اليوم الثامن من رمضان وعندما ذهب زملاؤه للسؤال عنها أخبروهم انه تم شطب أسمه ولقد ذهب زملاؤه هؤلاء من أنفسهم فنحن وكل أسر الشهداء لم نسأل عن حقوق مالية وخلافه قط . والحمد لله رغم معانأتنا استطعنا أن نربى أولادنا..طالبنا بحقيبته التى خرج بها من منزله وحتى عربته التى كان يقودها لم يسلموها لنا الا بعد ستة أشهر… أولادى لازالوا يعانون فطفلى الصغير كان يطلب حتى سن السادسة ان يشتروا له مسدس ليقتل البشير لانه قتل والده.. والكبير حاول الخروج من البلاد وفشل لانه كره السودان ..
الشهيد كان مميزاً فى عمله فقد كان أول دفعته فى كلية القادة والأركان وأذكر انه تلقى منحة للدراسة بالقاهرة وأثناء تواجدنا هناك ألتقينا بكرى حسن صالح وكان يزورنا يومياً تقريباً فقد كان يسكن فى الكلية الحربية مع الشهيد فى ذات الغرفة ، وعندما كنا هناك إستولت مجموعته على النظام . ولقد سمعت شائعات انه طلب من زوجى بعد اعتقاله ان يقدم أى تنازل ليفرج عنه وسمعت ان زوجى قال له : موت بشجاعة ولا حياة بإنهزام” وسمعنا إنهم ظلوا يهتفوا حتى لحظة إستشهادهم.
خديجة عثمان زوجة العميد محمد أحمد قاسم:
عقيد أ.ح. محمد أحمد قاسم
• ولد الشهيد بمدينة الخرطوم بحري في عام 1945. تلقى دراسته الابتدائية فيها وفي المدرسة الاميرية الحكومية بالخرطوم بحري ، وتخرج في مدرسة الخرطوم الثانوية في عام 1964 . متزوج وأب لتسعة اطفال يعيشون الان بمنزل متواضع في قرية جبل اولياء .التحق بالكلية الحربية السودانية في يناير 1965 وتخرج منها برتبة ملازم في ديسمبر 1966 · عمل الشهيد في القيادة الشرقية بالقضارف في عام 1967 ولمدة عام وبعدها اوفد إلى بريطانيا لدورة تدريب مظليين ليعود منها في عام 1968 ضمن الفريق الذي قام بتأسيس سلاح المظلات السوداني . تلقى دورة تدريبية معلم قفز بجمهرية مصر العربية ودورة اسقاط ثقيل في المملكة العربية السعودية . عمل الشهيد بمناطق العمليات في جنوب السودان في الفترة 1983-1985 وعرفت عنه شجاعته وقوة تحمله الفريدة .
• أحد ضباط الانتفاضة الذين فرضوا قرار انحياز القوات المسلحة للشعب وقد ادى ذلك لاحقا إلى اعفائه من الخدمة بقرار من المجلس العسكري الانتقالي وعلى اثر وشاية من العقيد عمر حسن أحمد البشير الذي أخطر الاستخبارات العسكرية بأن قاسم ومجموعة ضباط يرفضون سياسات المجلس الانتقالي ويعدون لانقلاب . رفع الشهيد وممجموعة ضباط قضية مدنية لاشانة السمعة ضد جريدة (الراية) في عام 1987 وحكم القضاة لصالحهم ، لذا ظل في قائمة اعداء الجبهة الاسلامية .اعيد العقيد محمد احمد قاسم إلى الخدمة العسكرية في يناير 1989 بقرارا من الفريق فتحي أحمد علي القائد العام آنذاك وذلك بتلبية رغبة العديد من الضباط ولرفع الظلم عن ضابط كفء متفان في اداء واجباته . في ليلة (30 يونيو – 1 يوليو) أي بعد اليوم ا لاول لانقلاب الجبهة حاول العقيد القيام بتحركات في سلاح المظلات في محاولة مضادة ولكن استدعى إلى مقر القيادة العامة وابعد من المظلات باحالته للتقاعد في نفس الليلة وارغم على ترك المعسكر . طوال الاشهر الاخيرة من العام 1989 عمل الفقيد بجهد واخلاص وسرية في بناء حركة الضباط الاحرار للقضاء على نظام الجبهة الاسلامية .
• اعتقل الشهيد للاشتباه في نشاطه صباح يوم 21 أبريل أي قبل الانقلاب بثلاثة أيام واحتجز في زنزانة بسطح مبنى أمن الدولة حتى لحظة اعدامه بدون محاكمة فجر يوم 25 أبريل 1990 .
• الشهيد زميل البشير في الدراسة بمدرسة الخرطوم الثانوية وفي الكلية الحربية وسلاح المظلات لمدة أكثر من 25 عاما ولكن لم يتردد الاخير في الوشاية به ثم طرده واخيرا اعدامه تنفيذا لاهداف حزبه
زوجى تم إعتقاله منذ يوم 21 رمضان أى قبل الحركة مع اللواء عثمان بلول ، هاجمونا الساعة الواحدة صباحاً وفتشوا المنزلوإعتقلوه بجهاز الأمن فى ذلك الوقت ولم نعرف عنه شىء الا الساعة الثالثة ظهرا عندما أذاعوا نبأ اعدامه وكانت لحظات قاسية. فأنا لدى تسعة أطفال صعقوا بأن والدهم إختفى من حياتهم دون مقدمات . فلقد كان أولادى يجلسون أمام الراديو ليسمعوا عمر البشير الذى يعرفونه يعلن إعدام والدهم . وهم يعرفون عمر البشير لانه كان صديق لزوجى منذ الثانوى وكان يزورنا فى المنزل ويبيت معنا ويدخل المطبخ معنا وكانت علاقتنا الأسرية به قوية. لم يسأل عنا البشير الا بعد عام كامل حيث أتانى أحد أصدقاء زوجى وقال لى ان البشير يسأل عنكم فعنفته ” وقلت له نصاً: اذا بتجيب لى كلام زى ده تانى ماتجى فى بيتى عمر البشير مسئول عن قتل زوجى ويسأل مننا؟” وبالفعل لم أسمع عنه شىء مرة أخرى. إلا مرة واحدة جاءنى عسكرى وأخبرنى أيضاً ان البشير يسأل مننا فأرسلت ردى بقصيدة قلت له أذهب وقل له:
قسماً قسماً لن ننهار
وأسر الشهداء تجيب التأر
انشاء الله دماءنا تسيل أنهار
وياسودانى وأسفاً على شبابك الثوار
وفى رمضان مقابل العيد يموتوا أحرار
بيد غدار وأصلوا حمار ؟
متستر بستار الدين وعامل اللحية ليهو شعار
ونحن حننظم الأشعار وجوه قلوبنا مولع نار
وين ياخالد ود الزين؟
وين أيامك الحلوين
ياسيفاً قوى مابلين
وياقاسم ياحازم يامغوار
يوم كتلوك دا يوماً حار
خلفت وراك أطفال صغار
مصيرهم يوم حيبقو كبار
يجيبوا التأر من الغدار
بشير الطيب..يأسماً على مسمى
كتلوك خائنين العهد والذمة
ماراعوا ليك شجاعة ولا بسالة ولا همة
مصيرك كاتل الأبطال مصيرك يوم حتتغم
ويامدثر قوم انزل كلاب الجبهة ماتتراجع
وده الخلف فينا الآلآم وفينا مواجع
أنت تحارب أنت تصارع
فى بلداً بعيداً ناجع
جزاك طلقات خائنة وغادرة فى صدرك اليانع!!!!
وظلوا يلا حقوننا ويعتقلوننا وقبل ثلاثة سنوات إعتقلوا أولادنا لانهم كانوا يرتبون للتأبين السنوى لآبائهم بمنزل اللواء عثمان بلول فداهموا المنزل وكانوا عربتين من المسلحين وكل أولادنا كانوا سبعة فقط..فإنهالوا عليهم ضرباً وأخذوهم لمكاتب الأمن وإعتقلوهم لأيام وظلوا يعتقلونهم وصادروا عرباتهم . وهددونا بأنهم سيصادرون بيوتنا ان قمنا بعمل التأبينات فيها. ورغم ذلك كل عام نطالب بذات مطلبنا أن نسلم جثثهم ونعرف مقابرهم وان نطلع على حيثيات محاكمهم.ولقد كنا نذهب لهم فى منازلهم ليطلعونا على ماجرى فى محاكمتهم فذهبنا لشدو فطردنا من منزله . وذهبنا الى المحكمة الدستورية وديوان النائب العام الذى وجدناه محاطاً بالمسلحين فى إنتظارنا .. ونحن مظلومين فقد قتلوا أزواجنا وابنائنا فى الأهر الحرم ومنذ واحد وعشرين عاماً ونحن فى كل عام نتقدم بمذكرة للنائب العام دون رد. ولكنا مؤمنين ان لكل شىء نهاية .
عالية حسن كرار أخت الشهيد عبد المنعم حسن على كرار :
عقيد أ.ح. عبدالمنعم حسن علي كرار
• ولد الشهيد بمدينة الابيض في 11/6/1951 بمحافظ كردفان.
• متزوج وله اربعة اطفال .·
• تلقى تعليمه بالخرطوم وتخرج في مدرسة الخرطوم الثانوية في عام 1972 ، التحق بالكلية الحربية في العام 1973 وتخرج في العام 1976 برتبة ملازم .
• انضم لسلاح المظلات بعد التخرج وتدرج في الرتب المختلفة وتلقى تدريبا في القفز في جمهورية مصر العربية وحضر دورتين في الولايات المتحدة الامريكية .
• نال شهادة الاركان حرب من كلية القادة والاركان السودانية في مارس 1989 .
• تم انتدابه للعمل في الامارات العربية المتحدة في العام 1987.
• عرف عن الشهيد حبه وولاه لتراب الوطن وكان عضوا فعالا في تنظيم الضباط الاحرار وكان آخر المتحدثين في اجتماع المظلات الشهير نهار 5 أبريل 1985 مع الفريق تاج الدين مطالبا بانحياز القيادة لجانب الانتفاضة الشعبية .
•كان له موقف واضح ومعارض لانقلاب الجبهة وحاول القيام بعمل مضاد مع الشهيد العقيد محمد أحمد قاسم والشهيد المقدم بشير الطيب وتمت احالتهم للتقاعد صباح اول يوليو 1989.
يوم الإعدامات نحن سمعنا الخبر مثلنا مثل أى شخص فى الإذاعة .. ولقد كان هؤلاء الشهداء من خيرة القوات المسلحة وكانوا وطنيين بحق ولقد كان هدف حركتهم إستعادة الديمقراطية ولم تحركهم مطامع السلطة بل حبهم للوطن اذ نص برنامجهم على قيام فترة إنتقالية لمدة خمس سنوات وبعدها تقام إنتخابات ديمقراطية حرة. وقع الإعدامات كان كالصاعقة على رؤوسنا ..فأخى الشهيد كان له وضع خاص بالأسرة اذ كان الأبن الوحيد بعد عشرة بنات لذا فلقد إكتسب محبة وإهتمام الجميع ولكنه لم ينشأ كطفل مدلل بل على العكس لقد استطاع ان يبادل من حوله المحبة والإهتمام وعندما كبر كانت أخواته العشرة يعتمدن عليه ويشاورنه رغم انه أصغر منهن.. ورغم ان من بعده أتى ولدان الا إن تميز شخصيته كان كبيراً .. لذا كان الحزن عليه من قبل كل الأسرة عالياً وتوفيت والدتى وهى بحسرتها عليه اذ كانت تتمنى أن ترى قبره فقط… فى يوم استشهاده وضعت زوجته طفلة ولقد حاول ان يرسل من معتقله من يطمئنه عليها وقال له أن يقول لها إن هذا طريق هو مؤمن به وسيمشى به حتى نهايته… وكان إعدامه بداية حزن كبير لكل الأسرة فرغم ان السنوات قد طالت الا ان فقده ظل حاراً ولاتمر مناسبة الا ونكون متألمين لفقده..لقد سكن منزلنا حزن يدفنه بعضنا داخله ولكنه يتفجر فى لحظات مختلفة….بكاء حار….لم نستطيع ان نتجاوز حزننا أبداً.. ولا أظننا سنستطيع طالما هذا النظام موجود فنحن نشاهدهم فى التلفزيون كل صباح يذكروننا بجريمتهم وغدرهم بأخواننا وابناءنا..
لم نسكت كأسر شهداء ولم نتخاذل وبعد ثلاثة أيام خرجنا فى مسيرة ضخمة أرعبتهم وإعتقلوا المشاركات والمشاركين فيها ومن يومها وهم يخافون منا لأنهم يعلمون جيداً اننا لسنا وحدنا بل خلفنا كل الأحرار السودانيين الذين يرفضون الظلم ولا يقبلون بأن لاتعرف أم أو زوجة أو أخت قبر فقيدها.
حاولوا تشتيتنا وكسر إرادتنا بصور مختلفة فإستخدموا الترهيب ولم يجدى واستخدموا الترغيب فلم يجدى أيضا اذ أذكر إن عمر البشير أرسل لوالدتى يستأذن فى القدوم إلينا ليتقدم بالعزاء فى الشهيد فإكتفت والدتى “نفيسة كامل” بقول: قل له لن أضمن سلامتك ان حضرت” .. أفقروا أسر الشهداء كما أفقروا كل الشعب السودانى وحاول إغراءهم بالمال فمثلا كانوا يقدمون لهم عروض مالية بحجة انها حقوق أو انها مساعدات لأسر الشهداء الا ان حزن هذه الأسر وغبنها كان أكبر درع تجاه محاولاتهم..
أذكر ان فى وفاة إبن أخت لنا حضر عمر البشير وكان معه عبد الرحيم محمد حسين للعزاء فوقفنا فى وجهه وهتفنا ضده أمام حرسه وطرناه من منزلنا هو ومن معه…
مايؤلمنا كأسر هو ظلمنا بعدم معرفة مدفنهم .وشعورنا بظلمهم فقد سمعنا الكثير من الحديث حول انهم اساءوا معاملتهم لحدود غير إنسانية فقد ذكر لنا شهود عيان ان إبراهيم شمس الدين كان يقف بإنتظار أياً منهم عند نزوله من الحافلة التى أحضروهم بها وهم مكبلين وكان شمس الدين يصفع الواحد منهم ويركله الى ان يسقط بالأرض ليبصق عليه وهو تحت أرجله ..ولقد كان حاضراً لتنفيذ الإعدام بهم أبراهيم شمس الدين والزبير والخنجر وضحوى وكمال على مختار الذى سمعه الشهود يهلل فرحاً ويقول: شوفوا عيونهم جحظت كيف.؟ وسبحان الله لقد إنتقم الله من هؤلاء فى الدنيا قبل الآخرة فحتى من نفذ الإعدام بهم”ودالحاج” حصل له حادث حركة شنيع ورقد فى الفراش طويلا وأصيب بالسرطان وتوفى.
بكل فخر أقول اننا كأسر شهداء ظللنا نقاتل ونناضل وكنا بالشارع عندما لم يكن به غيرنا وكانت الإنقاذ فى أوج عنفوانها وتعرضنا للتعذيب والاعتقال والضرب والإهانات الا اننا لم ولن ننهزم مالم يسقط النظام الذى قتل شهدائنا.
محمد ياسين أخ الشهيد الرائد معاوية ياسين:
الرائد معاوية يسن علي بدر
• مواليد قرية صواردة – منطقة السكوت/النوبة 1960م
• درس الابتدائية بالحفير – والمتوسطة بمشو – والثانوية بمدرسة كورتي.
• التحق الشهيد بالكلية الحربية وتخرج ضمن الدفعة (32). ضابط مدرعات.
• عمل بمنطقة خشم القربةالعسكرية.
• عمل بمنطقة الشجرة العسكرية كقائد لسرية دبابات.
• حضر العديد من الدورات بمدرسة المدرعات فى كررى.
• التحق بكلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم
لقد كانت حركة رمضان حركة قومية قام بها شباب منورين يؤمنون بالديمقراطية ورغبوا فى استعادتها . لاأذكر لأخى الشهيد أحاديث كثيرة فى السياسة الا اننى أذكر تعليقه على تجربة الدفاع الشعبى بأنه قال:”ديل دايرين يضيعوا الجيش” ولقد كان وطنى غيور ومؤمن بالعدالة هو وكل من معه كانوا مؤمنين بالديمقراطية والعدالة، لقد تأذينا كثيراً كأسر وظلمنا ونحن نطالب بحق إنسانى ان نعرف أين دفن أخواننا وأولادنا بماذا أوصوا كيف تمت محاكمتهم! ..ورغم كل هذه المضايقات الا اننا لن نستسلم ولن يكون شعار عفا الله عما سلف أحد شعاراتنا فى وقت من الأوقات..
لن نوقف نضالنا لقد وصلنا حتى المحكمة الدستورية وظلوا يرفضون تسلم مذكراتنا..
ونحن هذا العام ننادى بأسم كل الدماء التى سفكت فى هذا الوطن بأسم الشهداء فى الخرطوم ودارفور وجنوب كردفان الا تدخل الأحزاب فى أى تفاوض مع هذا النظام فطالما النظام يغرق فى دماء الأبرياء لن يكون لأى اتفاق معه أمل ولن ينتج سلام فهذا النظام فصل السودان على مقاسه ولن يشرك معه أحد. ونطالب بإحقاق العدل أولاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق