زكية الحاج عثمان حسين زوجة الشهيد العقيد أركان حرب بشير مصطفى بشير
زوجى كان معروف بشجاعته وتواضعه فكان محبوب وسط عساكره فى سلاح المظلات بشمبات وكان عطوف . ولقد خرج مساء الأحد ولانه قليل الحديث حول عمله لم يخبرنى بتفاصيل فقط ذكر لى انه قديبيت خارحاً فيما بعد ذكر لى الجيران انهم رأوه يودع أطفالنا فى الخارج وهو فى طريقه لسيارته وكان حينها أكبر أولادى فى السنة الثامنة فى الأساس والصغير عمره سنتين فقط.وفى الصباح سمعت ان هناك مجموعة قامت بإنقلاب فتوجست وانتظرت وحوالى الساعة الحادية عشر فى اليوم الثانى أتى أحد أصدقاءه وأخبرنى ان بشير زوجى مشترك فى الإنقلاب ورغم انه قلل لى من أهمية عواقب ذلك وان الأمر على الأرجح لن يتجاوز أيام وسيعود ولكنى شعرت مباشرة بالخطر فلقد كنت واقفة فسقطت مباشرة على الكرسى لأن أقدامى لم تحملنى وقلت له : ناس الإنقاذ ديل أعدموا مجدى فى العملة معقولة يخلوهم.” ورغم انه أكد لى ان الأمر لن يتجاوز تجريدهم من العملة الا اننى لم أطمئن إطلاقاً. حوالى الساعة الثالثة ظهراً كان أطفالى يجلسون أمام التلفزيون فتفاجأنا به يعلن نبأ إعدام والدهم رمياً بالرصاص وعند ذهاب أهل الشهداء لإستلام الجثث تفاجأوا فى القيادة العامة بأنهم تم طردهم وتهديدهم بالسلاح للابتعاد… ومن وقتها ونحن مطاردين يستدعونا ويعتقلونا وأذكر انه فى يوم كنا نقيم الذكرى فى بيت أمنة الكدرو بالحاج يوسف وهى أسرة أحد الشهداء أتى عناصر الأمن بحافلات وإقتادوا كل المدعوين للتأبين الى القيادة العامة وكان التأبين فى الذكرى الثالثة اذ أطفالنا كانوا لازالوا صغار بل كانت بعض زوجات الشهداء يحملون أطفال صغار جدا تمت ولادتهم بعد اغتيال ابائهم فحبسونا داخل هذه الحافلات داخل القيادة العامة وأطفالنا يبكون من الحر وإنعدام الأكسجين فى الحافلات المغلقة لأكثر من ثلاثة ساعات ولم يعطفوا عليهم ولا على أمهات الشهداء المسنات وبعد ساعات طوال طلبوا مننا أن نوقع على إلتزام بعدم تنظيم أى نشاط لنا كأسر شهداء فرفضنتا بقوة وعندما تواجهوا بصلابة موقفنا إضطروا لإطلاق سراحنا بعد ساعات طويلة أيضا.. ذات نهار كنت فى السوق وعندما رجعت وجدتهم قد قلبوا غرفتنا رأساً على عقب لم يتركوا شىء فى مكانه أخذوا أى ورقة وكسروا دواليبنا وكانت لدى شهادات أصلية جامعية تخص أختى أخذوها فضاعت للأبد.. طوال هذه السنوات يراقبونا ويداهمونا ونحن لانطالب بشىء سوى حقنا المشروع فى معرفة مقابر شهدائنا..أننا لم نطالب بأى حقوق مالية أو خلافه فزوجى مثلاً كانت لديه قطعة أرض سحب قرعتها فى اليوم الثامن من رمضان وعندما ذهب زملاؤه للسؤال عنها أخبروهم انه تم شطب أسمه ولقد ذهب زملاؤه هؤلاء من أنفسهم فنحن وكل أسر الشهداء لم نسأل عن حقوق مالية وخلافه قط . والحمد لله رغم معانأتنا استطعنا أن نربى أولادنا..طالبنا بحقيبته التى خرج بها من منزله وحتى عربته التى كان يقودها لم يسلموها لنا الا بعد ستة أشهر… أولادى لازالوا يعانون فطفلى الصغير كان يطلب حتى سن السادسة ان يشتروا له مسدس ليقتل البشير لانه قتل والده.. والكبير حاول الخروج من البلاد وفشل لانه كره السودان ..
الشهيد كان مميزاً فى عمله فقد كان أول دفعته فى كلية القادة والأركان وأذكر انه تلقى منحة للدراسة بالقاهرة وأثناء تواجدنا هناك ألتقينا بكرى حسن صالح وكان يزورنا يومياً تقريباً فقد كان يسكن فى الكلية الحربية مع الشهيد فى ذات الغرفة ، وعندما كنا هناك إستولت مجموعته على النظام . ولقد سمعت شائعات انه طلب من زوجى بعد اعتقاله ان يقدم أى تنازل ليفرج عنه وسمعت ان زوجى قال له : موت بشجاعة ولا حياة بإنهزام” وسمعنا إنهم ظلوا يهتفوا حتى لحظة إستشهادهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق