الضابط الذي نجا من حكم الإعدام في إنقلاب 28 رمضان

سيره ذاتيه


الاسم: العقيد «م» طيار حسن عبدالله عطا

من مواليد مدينة رمبيك عام 1949م

المراحل التعليمية:

-الموردة الأولية

-أم درمان الوسطى

-المؤتمر الثانوية

-الكلية الحربية للطيران

-القوات الجوية

-كلية القادة والأركان

-أكاديمية فروتزي بالإتحاد السوفيتي
في يوم حدوث الإنقلاب، في يوم 28 رمضان خرجت من المنزل عند الساعة الخامسة صباحاً، إلى مقر القوات الجوية لتنفيذ مهمة إسقاط مظليين بطائرة من طراز «130C هيركوليز». وقد وصلت قبل المظليين لتجهيز الطائرة والتأكد من مدى جاهزيتها. وأثناء عملي جاءني النقيب مصطفى خوجلي وأخبرني بأن القاعدة في إستعداد وبدون ذخيرة وأن الجنود محتاجين لذخيرة.. فأعطيت علي النور توجيهات لصرف «خزنة» عشر طلقات لكل فرد.. ومن ثم اتجهت إلى المظلات للإستفسار عن تأخر الجنود المظليين.. وهناك تم اعتقالي بواسطة رائد مظلي وقادني لمكتب الإستخبارات حيث قابلت العقيد كمال علي مختار الذي وجه بحبسي منفرداً والتحقيق معي، وبعد ساعة جاءني المقدم عمر وحقق معي وسألني عن سبب حضوري باكراً ومدى معرفتي بوقوع إنقلاب وعن أسماء بعض الضباط مثل اللواء بلول واللواء محمد أحمد قاسم. وقد كنت فعلاً لا أعرف، لكن اللواء قاسم فقد عملنا سوياً في ملكال. كما سألني عن أسباب صرفي الذخيرة للجنود؟ فقلت له «أنا ما عارف الحاصل شنو لكن قبل كدة كانت هناك سابقة في حركة يوليو واحتلوا القاعدة العسكرية بدون مقاومة عشان كدة صرفت الذخيرة للقوة».. وبعد التحقيق معي مكثت في المكتب حتى الساعة الرابعة عصراً، ومن ثم تم اقتيادي إلى مدرسة الإستخبارات العسكرية، وفي الطابق الأول وجدت ما بين 10-15 ضابطاً وظل العدد في تزايد حتى وصل الى أكثرمن 25 ضابطاً من رتب مختلفة.



 هل عرفت واحداً من الذين إلتقيتهم؟




- أذكر كان معي في مكتب الإستخبارات عصام ميرغني وكان هناك ضباطا لكن لم أرهم. وعند افطار رمضان احضروا لنا «إفطار عادي» ماء وسندوتشات وفي المساء جاءوا بالعشاء.



ثم ماذا حدث بعد ذلك؟


- عند الساعة الثانية والنصف فجراً بدأوا ينادون المحبوسين واحداً تلو الآخر حسب ترتيب الرتب العسكرية وقد كنت رقم أربعة وتم إدخالي حجرة وجدت فيها قوة مدججة بالسلاح وضابط استخبارات وضابط صف وطلبوا مني وضع يدي خلف ظهري، وقام الضابط بربط اليدين وأذكر أن الحبل أمريكي الصنع حيث يضغط على الجسم عند حدوث أي حركة. وبعد ذلك تم اقتيادي إلى الحافلة حيث وجدت بداخلها اللواء محمد عثمان كرار والعقيد قاسم واللواء بلول والفريق خالد الزين وعصام ميرغني ومعهم أربعة جنود مسلحين، اثنان في الأمام والآخران من الخلف متجهين على بعض.

.. وأذكر عندما دخلت الحجرة التي تم فيها ربط اليدين كان هناك مجموعة من الضباط يراقبون الموقف .

ويمضي العقيد عطا الى القول: بعد ذلك تحركت الحافلتان وكان بها 29 ضابطاً حيث تحركت أمامهما قوة وخلفهما قوة من المظلات حيث مررنا بطريق الطابية إلى طريق الغابة ومررنا بكوبري أم درمان بشارع الطابية ثم سلكنا طريق الوادي بالثورة حتى السجن الحربي بوادي سيدنا..

وفي السجن الحربي تم تركي في عنبر به حراسة مشددة وعند الساعة الرابعة والنصف فجراً بدأوا في مناداة الضباط- حسب الأقدمية- ولم تتجاوز فترة المناداة بين الضابط والآخر أكثرمن دقيقتين.

.. وأعتقد الكثير من الضباط المعتقلين أن المناداة بغرض توزيعهم على العنابر أو المعتقلات.. ولم يتم استدعائي وفق الأقدمية حيث أن ترتيبي الرابع، حيث تم استدعائي كآخر شخص وتم إقتيادي إلى مكتب.. وقد لاحظت أن هناك مكتبين تم تجهيزهما للمحاكمة. ووجدت في المكتب الذي تم ادخالي فيه العقيد سيد كنه رئيس المحكمة ومعه اثنين من الضباط أحدهما برتبة مقدم والآخر برتبة رائد وقد عرفت المقدم وإسمه إبراهيم من القوات الجوية وهو فني.. وكانت أسئلة المحكمة هي نفس الإسئلة التي تم طرحها عليّ في مدرسة الإستخبارات.. وكانت حجة المحكمة هي لماذا حضوري للقيادة العامة باكراً وقلت لهم «لدى اسقاط جنود مظليين وبعد الإسقاط لدى رحلة إلى الكونغو». وقد تأكدت المحكمة من حديثي من المقدم إبراهيم. لأنه ضابط طيار ويعرف جيداً إجراءات الطيران.. بعد ذلك تم إخراجي من المحكمة وإستدعت المحكمة بعدي النقيب طيار مصطفى عوض خوجلي ولا أعرف عماذا سألته وقد تم اخراجه ومن ثم استدعتني المحكمة مرة أخرى.. وتلا القاضي القرار وكان البراءة.. ولكن طلبت مني الذهاب مع مجموعة الضباط بالعربة.. وبعد عشر دقائق جاءني العقيد « .. » وقام بإنزالي من الحافلة وقادني لمكتب ضابط السجن وقال لهم «فكوا يديه وخلوه معاكم حتى نعود» وبالفعل تم فك الحبل من يدي. وتحركت العربات بحراسة من السجن ومعها كل ضباط المحكمة.

- ويقول العقيد حسن عطا: بعد إنزالي من الحافلة لمحت مجموعة من الضباط على مسافة 30 متراً كانوا جالسين في كراسي منهم بعض أعضاء مجلس قيادة ثورة الإنقاذ وآخرين لم أعرفهم.


متى تحركت العربات من مكان المحكمة؟

- تحركت العربات عند الساعة الخامسة والنصف صباحاً وعرفت من ضابط السكن الذي كان في المكتب وكان يضع يديه على رأسه وبحسرة وألم قال لي «يا أخي إنت اتولدت من جديد لانو الناس ديل ماشين يعدموهم الآن» وعرفت منه انه منذ مساء يوم 28 رمضان بدأ تجهيز مكان الإعدام بالبلدوزر خلف السجن الحربي.. لكن أعتقد أن مكان الإعدام ليس قريباً «لأنو ما سمعت صوت رصاص»..

وعند الساعة السادسة والنصف جاءني ضابط من الإستخبارات اسمه المقدم محمد علي وقادني لمدير الإستخبارات بالخرطوم اللواء الدابي حيث دخلت عليه ووجدت معه الفريق عبد الرحيم محمد حسين وإبراهيم شمس الدين وكمال علي مختار. وكان الدابي يجلس في التربيزة وطلب مني مواصلة عملي «زي ما كنت» وقال لي سأكتب لك خطاباً لقائد الجوية لكي تعود إلى عملك.

أما كمال علي مختار فقال لي «مع إحترامنا لقرار المحكمة إلاّ اننا عندنا رأي آخر» وتحدث الدابي مرة أخرى وقال لي «تبلغ القوات بعد العيد».. وبالفعل زاولت عملي بعد العيد ونفذت رحلة إلى ملكال لكن بعدها جاءت إشارة بألا أكلف او تسند لي أي مهمة بالطائرة لأي جهة: يعني «ما أركب طائرة».

ويضيف العقيد «م» عطا: في 20 من مايو 1990م تمت إحالتي للتقاعد وفي أول سبتمبر 1990م تم اعتقالي من المنزل عند الساعة الثانية ظهراً بواسطة جهاز الأمن حيث تم إقتيادي إلى مكاتبهم » ولم يتم التحقيق معي ومن ثم تم تحويلي إلى سجن كوبر من أول يناير وحتى أول مارس 1991م أي ظللت معتقلاً مدة ستة أشهر وبعدها أطلقوا سراحي.

أنت الضابط الوحيد التي تمت تبرأته . وقد قال لك كمال علي مختار بأنهم مقتنعون بإنتمائك لحركة الخلاص. فهل أنت فعلاً عضواً في هذه الحركة؟

- علاقتي بهذه الحركة بكل أمانة كانت بواسطة ضابط من القوات الجوية وهو حلقة الوصل بيني وبقية الأعضاء في الوحدات الأخرى النقيب طيار طه حسين والنقيب طيار عادل عبد اللطيف ولكن لم يحدث أن حضرت أي إجتماع معهم بل حتى الحركة لم أكن ملماً بتفاصيلها وقيادتها.. وقد تم تجنيدي فيها عن طريق «ونسة عادية» ووجد حديث الضباط عندي القبول لأن طرحهم كان أقرب إلى أفكاري. كما أن وجود بعض الضباط مثل اللواء قاسم الذي أعرف فيه الوطنية والشجاعة وحب البلد جعلني أنضم إليهم.. ولم يكن لدي انتماء حزبي يعني «بالعربي كدا لا بعثي ولا يحزنون».

هل كنت على علم بالإنقلاب؟

- نعم.. كنت على علم بتنفيذ الإنقلاب و قد ذهبت إلى القيادة العامة لأنني أعرف أن المنفذين هم مجموعتي.. وقد صرفت الذخيرة للجنود المظليين بهدف دعم الإنقلاب وأقوم بتأمين القاعدة الجوية. وقد قال لي مصطفى بأنه إحتل القاعدة وقام بتأمينها كاملاً وإحتل عبد المنعم كرار المطار وكان ينقصهم فقط الذخيرة وعلى هذا الأساس قمت بصرفها للجنود.


----------------------------------------------------------

منقول من اخر لحظه

من وقف وراء خديعة ضباط حركة رمضان البواسل؟


    من خدع ضباط رمضان البواسل وقدم لهم الوعود وتنكر لذلك؟ الى أين هرب كل من البشير والطيب سيخة(حماة الدولة الاسلامية) في ذلك اليوم الاول؟ أسرار كثيرة لم تخرج بعد.. في هذا اللقاء بشير عبدالقادر الكدرو يدلي لصحيفة السوداني ببعض افاداته ولازلنا ننتظر من اخرين تسليط الضؤ على هذه الكوكبة من الضباط والجنود وكشف المجرمين وماقاموا به.
    العدد رقم: 234 2006-06-30

    أســرار تكشـــف لأول مــرة حـــول حـــركة ضبــاط رمضـــان: شـــقيق الكـــدرو يروى تفـــــاصيـــل( الخدعــــــة)
    تعتبر الانقلابات العسكرية في السودان (جرثومة) مدمرة ألقت بظلالها السالبة على الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد وفي هذا السياق تظل عملية إعدام ضباط حركة أبريل 1990 حدثاً مأساوياً يستوجب التوثيق الصادق الذي يقدم إضافة حقيقية لتاريخ السودان .

    هناك معلومات وأسرار ظلت في طي الكتمان تكشف لأول مرة عن حادثة إعدام ضباط حركة أبريل (رمضان) لم تسجلها وقائع التاريخ بسبب الحساسية والخوف من نشرها ولأننا نشهد عهداً جديداً تتعزز فيه خطوات التحول الديموقراطي ونعمل على تجاوز الكوارث والمآسي التي خلفتها الانقلابات العسكرية وعلى توسيع فضاءات حرية العمل الصحفي في البلاد لإثراء الحوار الهادف لخدمة الوطن نقدم هذا التحقيق التوثيقي الذي يتعلق ويرتبط بإعدام ضباط حركة أبريل 1990م في محاولة للخوض في الأعماق بهدوء وعقلانية لتقديم تحقيق ودراسة تقدم المعلومات المجردة حول هذه الحركة . ونورد عبر هذا التحقيق بعض الإفادات والنماذج التي تقدم ملامح عن الحدث الدموي الذي زرع الأحزان في نفوس وقلوب الضحايا ونأمل أن نخرج بحقائق ونتائج تقدم توثيقاً مواكباً يكون نبراساً للأجيال وعظة لسياسيي البلاد لتجاوز أخطاء الماضي .

    تحقيق : عادل كرار - عباس حسن احمد 

    ندوة حـــزب الأمـــة طــــالبت بمســاءلة المسؤولين عن الأحكام المأساوية

    ابتدر بشير عبدالقادر الكدرو شقيق اللواء حسين عبدالقادر الكدرو أحداث حركة 23 أبريل 1990 وقال :

    سمعنا النبأ صباح يوم الاثنين 23 أبريل 1990 عن طريق الإذاعة وسمعنا أن هناك وساطات تجرى مع شقيقي اللواء عبد القادر حسين الكدرو . والذي كان يقود ما يقارب الثماني عشرة دبابة وأنه لو كان خرج بهذه القوة لأحال الخرطوم إلى بركان من نار ولكنه قبل الوساطات والأجاويد من أقربائه ومعارفه ومع الرئيس وذلك بعد التعهد بتحقيق مطالب الحركة والتعهد بتقديمهم إلى محاكمة عادلة وانصاع اللواء الكدرو إلى طلب الأجاويد ولكن هذه الجودية (ينكرها) أهل الإنقاذ الذين قاموا بتنفيذ خدعة كبرى حيث وافق اللواء حسين الكدرو على استسلام قيادة سلاح المدرعات بعد أن وثق في الضمانات التي أعطيت له والتحقيق العادل الذي أكده له الأجاويد وفي سردنا التوثيقي للتاريخ نؤكد ضرورة الاستفادة من الدروس والعبر وندعو القائمين على أمر الناس النظر إلى حالة السودان الذي أصبح يمر بالأزمات مراراً وتكراراً وأنه إذا كانت هناك حكومة وطنية موجودة تقوم بدورها كاملاً وتنظر وتهتم بالإنسان السوداني في معيشته واجتهاده وأحواله الاجتماعية لما حدثت مثل هذه الأحداث والإعدامات وأن أي حكومة تريد حكم السودان عليها أن تفكر في رفاهية الشعب وإشراكه في السلطة . 

    وفي إطار الدروس والعبر المستفادة نؤكد على ضرورة رد الاعتبار لأسر ضباط حركة أبريل وللإجابة على سؤال أين دفنوا ؟ ومحاكمة الذين ارتكبوا هذه الجريمة وفي هذه السانحة أشير إلى الافتراءات التي أثيرت حول الكدرو أؤكد أن اللواء الكدرو هو ابن القرآن وأبوه كان 70 عاماً إماماً لجامع الكدرو وأقول أذكروا محاسن موتاكم .

    وتحدثت أسرة الكدرو عن حادثة إعدامات حركة أبريل وقالت السيدة نفيسة عبد الهادي السيد زوجة اللواء الكدرو أن المحاكمات كانت سريعة ولم يخطر ببالنا أن تتم على هذا النحو وأننا لم نتجاوز مرحلة الحزب ولا يمكن أن ننسى الكدرو وتتساءل بأي ذنب قتل ؟.

    وطالب الدكتور عبد القادر حسين الكدرو الابن الأكبر للواء الكدرو برد الاعتبار والقصاص وأن نعرف الأسباب التي أدت للإعدام ؟ وأين دفنوا ؟ وأمن نزار ابن اللواء الكدرو على حديث شقيقه الأكبر وطالب بالقصاص والمحاكمة العادلة للمسؤولين عن الحدث ودعا عبد الرحيم ابن اللواء الكدرو بالقصاص أيضاً ، وقالت صفاء والتي كان عمرها 4 سنوات عند إعدام والدها اللواء الكدرو وحتى الآن طالبة بكلية الصيدلة أنها استغربت للذي حدث في 28 رمضان وتساءلت لماذا الاستعجال في المحكمة ولماذا كان المنفذون قساة القلوب أليس لهم أطفال وزوجات وأمهات ؟.

    وقال محجوب مساعد السيد خال اللواء الكدرو: 

    لقد كانت الإساءة الشخصية هي إحدى أدوات حزب الجبهة في التمكين وكان الهدف قتل الخصوم قتلاً معنوياً وإقصاءهم وحرمانهم من أن يلعبوا أي دور في العمل الوطني .. ولم يسلم من هذه الإساءات حتى الأموات من زعامات هذه الأمة لم يسلم أحد .


    في 25/7/1989 التقى الصحفي السوداني فتحي الضو الذي يعمل بصحيفة الدستور الكويتية بسعادة الفريق عمر البشير وسأله أطلقتم سراح الأربعة الذين حوكموا كرموز لنظام مايو ما هي المبررات ؟ (تحقيق صحفي الدستور الكويتية الخرطوم 25/7/1989) .

    جواب : نحن اتخذنا القانون كمصدر لإطلاق هؤلاء وأصدرنا قراراً بحق كل من حوكم بسبب خرق المادة 96 من قانون العقوبات (إعلان الحرب على الدولة والتمرد) والمادة 21 الخاصة بالتمرد تسقط عنه الإدانة لأننا نحن بتحركنا خرقنا هاتين المادتين فمن هذا المنطلق ومنطلق أخلاقي أيضاً فنحن طالما خرقنا هذه المواد لا نقبل أن يحاكم بها شخص قبلنا انتهى..ولا تعليق.

    في مايو 1990 التقى نفس الصحفي بالعقيد يوسف عبد الفتاح وكان بالعاصمة العراقية بغداد سأله عن علاقة مجموعة حركة رمضان بحزب البعث العربي الاشتراكي (من كتاب محنة النخبة السودانية ص 206) نفى يوسف عبد الفتاح أن يكون للمجموعة أي علاقة بحزب البعث وعندما سأله نسبة لسلوكيات المجتمع السوداني وطبيعته التي ترفض العنف والدماء ومع هذا لا بد أن لكم حكمة وراء تنفيذ حكم الإعدامات في شهر رمضان المبارك وقبل يومين من العيد فهل فعلاً هناك حكمة ؟.

    أجاب سيادة العقيد الحكمة هي سرعة البت وكان لا بد أن يكون هنالك حسم وأنا أقول تصوري الشخصي نحن كشعب طيبون جداً ولكن بعد شوية تدخل الوساطات والعلاقات ويقصد الأجاويد وما درى سعادة العقيد بأن نهج الأجاويد وحل الخلافات بالحسنى هي من أجمل العادات التي يتمتع بها أهل السودان .

    ونسى سعادة العقيد بأن الكدرو عندما كان يحتل سلاح المدرعات وتحت إمرته قوة ضاربة تحيل العاصمة إلى جحيم ولهب ورماد استخدم أهل الإنقاذ الأجاويد وظلوا في مكاتبهم يستدعون كل من له علاقة وصلة بالكدرو ودونكم الفريق عثمان احمد بلية ابن خالة الشهيد ، واللواء الزين إبراهيم طه الذي تربطه بالشهيد صلة القربى وزمالة السلاح واللواء طه الكدرو شقيق الشهيد الأصغر ، وآخرين لا نعرهم ، وعندما استجاب الكدرو للأجاويد كان أول من نحر . ولعل سيادة العقيد لا يعرف قيمة الأجاويد في منظومة الثقافة السودانية ولكنها كانت إحدى موروثات الشهيد الكدرو ورثها عن جده الناظر محمد السيد تمساح الكدرو رجل الإدارة الأهلية الحكيم الذي كان يصلح بين القبائل والأفراد ، ينفق إنفاق من لا يخشى الفاقة في سبيل الصلح وحقن الدماء . 

    وفي صحيفة السودان الحديث العدد 200 بتاريخ 29 رمضان أوردت الصحيفة خبراً لاجتماع منسقي اللجان الشعبية لشجب انقلاب رمضان مفاده (أعرب السيد صديق بشاشة منسق اللجان الشعبية بمنطقة بحري عن أمنيته أن تفعل الثورة في القائمين بالانقلاب ما فعله الرسول صلى الله عليه باليهود عندما سعوا لتفتيت الدولة الإسلامية فقتل أطفالهم وسبى نساءهم) . 

    لم يقتدِ أهل الإسلام السياسي بسيدنا رسول الله عند فتحه مكة وأسره للمشركين عندما سألهم ما تظنون إني فاعل بكم ؟ قالوا أخ كريم وابن أخ كريم . قال أذهبوا فأنتم الطلقاء . صلى الله عليك وسلم يا سيدي يا رسول الله . لم يقتلهم لم يقتل أطفالهم ولم يسبَ نساءهم ..

    لم ينتمِ الشهيد الكدرو لأي حزب أو كيان سياسي يميناً كان أو يساراً بل كانت العسكرية له حباً وعشقاً وانتماء وحاشا للكدرو أن يباع وأن يشترى . ولا غرو ولا عجب فوالده الفقيه احمد عبد القادر السيد خليفة الدواليب شيخ الطريقة التجانية إمام مسجد الكدرو العتيق لأكثر من سبعين عاماً . وجده لأمه الناظر محمد السيد تمساح الكدرو ناظر خط الوسط كان شجاعاً كابن الوليد كريماً كحاتم الطائي .. وشقيقه الأكبر الشهيد طيار عبد القادر الكدرو أول الدفعة الخامسة بالكلية الحربية 1954م . 

    أول الدارسين من الطلبة السودانيين بكلية بلبيس لعلوم الطيران الحربي بالجمهورية العربية المتحدة 1956م أول من حلق بمقاتلة في فضاء هذا الوطن الحبيب . 

    فوالدته الحاجة آمنة بت محمد السيد تمساح الكدرو كانت كسفانة بنت حاتم طي تتحزم وتتلزم كما الرجال تذبح الذبيح وتوقد النار وتصنع الطعام وتقرئ الضيف في غياب أبيها أين أنت من كل هذا يا هداك الله حتى تتطاول على هذه القامات السامقة .

    وإن أسأتم للشهيد الكدرو بكذبة السكر فلن تستطيعوا أن ترموه بما رميتم به بعضكم بعضاً ولا ينبغي لكم .

    تجمعت أسر شهداء رمضان في أبريل الماضي بدار حزب الأمة بأم درمان في حشد احتجاجي كبير حضره لفيف من السياسيين والقانونيين والصحفيين ورفاق الشهداء من الضباط المعاشيين بمناسبة مرور ستة عشر عاماً على مجزرة رمضان .. 

    وبما أن المناخ مناخ تصالح وسلام يسعى إليه أهل الإنقاذ حاملين ملفاته شرقاً وغرباً وجنوباً يصالحون كل من يحمل السلاح ويقدمون التنازلات لكل من يهدد بقاء الإنقاذ ويجملون وجوههم بالتوقيع على الاتفاقيات بأي ثمن استرضاء لليهود والنصارى في أمريكا ودول الغرب ، بعد أن صمتوا من أوهام (أمريكا روسيا قد دنا عذابها ورفع الآذان في البيت الأبيض) . 

    أما آن لهم أن يتصالحوا مع ذوي هؤلاء الضباط أما آن لهم أن يجلسوا مع أكرم حفيد وأنبل سيدة خدمت الوطن بشرف في تعليم وتحرير المرأة هذه السيدة الجليلة نفيسة المليك وهي تخطو نحو الثمانين ألا تستحق مؤتمراً للصلح يعقد في دارها على غرار مؤتمري ميشاكوس وأبوجا لتعرف كيف قتل ابنها ؟ وبأي حق ؟

    أو ليس من حق هذه الأسر أن تعرف كيف تمت هذه المحاكمة ؟ وبأي قانون ؟ ومن هم أعضاء هذه المحكمة إن وجدت ؟ وأين قبروا ؟ أو ليس من حق هذه الأسر أن تستلم رفاة بنيها لتترحم عليهم وتصلي ؟.

    هل في مقدور أهل الإنقاذ أن يفتحوا هذا الملف بكل شجاعة الشجعان ؟ قبل أن يفتح في يوم عصيب لا تنفع فيه قوة ولا سلطان مع قوة العزيز الجبار .

    وصفت نفسية المليك والدة الضابط أكرم يوسف ما جرى بالمذبحة الجماعية التي قالت عنها أنها تمت بدون محاكمات وفي فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الـ(4 ساعة من لحظة اكتشاف الانقلاب .

    وقالت إن هدف الحركة الوطنية هو إعادة الديموقراطية والقضاء على النظام الشمولي والديكتاتوري وهي حركة مكونة من ضباط وطنيين ليس لهم انتماء حزبي أو لون سياسي بل جاءت من قلب الشعب السوداني وحاولت الإنقاذ أن تضفي عليهم انتماءات لحزب البعث فكانوا ضباطاً وطنيين حادبين على مصلحة الوطن والشعب ومتحدين واستطاعوا أن يكشفوا عن اتجاه الإنقاذ الذي يريد أن يقود القوات المسلحة ويحولها إلى مليشيات حزبية لتخدم أجندة حزب الجبهة الإسلامية بمسمياتها المختلفة وحينما فشلت الجبهة الإسلامية في أن تجد الحشد والزخم الجماهيري في العهد الديموقراطي لجأت للانقلاب العسكري لتسيطر على السلطة من خلال عساكر الجبهة داخل الجيش . لذلك أجمع ضباط حركة أبريل (الخلاص) على ألا تكون القوات المسلحة أداة في يد أي حزب والعمل على عودة الديموقراطية ونطالب بمعرفة الجناة ومنفذي العملية والقصاص منهم .

    وقال عصام الدين ميرغني شقيق العقيد الركن عصمت ميرغني طه في كتابه الجيش السوداني والسياسة:

    إن المعلومات التي قدمها رقيب بالقوات المسلحة هي التي كشفت حركة 23 أبريل 1990م وأن خيانة ضابط الصف التابع للقوات الخاصة وإبلاغه إدارة الاستخبارات كانت ضربة قاصمة لحركة أبريل وسبب فشلها واضاف إن الإعدامات التي حدثت في 24 أبريل والتي قتل فيها 28 ضابطاً هي أبشع جريمة سياسية وقد أورد الدكتور أمين مكي مدني رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان تلك الجريمة ضمن الجرائم السودانية التي وقعت خلال حكم نظام الجبهة القومية الإسلامية وتقع تحت طائلة القانون الإنساني الدولي وتستوجب المسءلة القانونية .

    وكانت الندوة التي أقيمت في دار حزب الأمة في مايو الماضي قد أبرزت حقائق ووقائع تتعلق بحادثة إعدامات حركة أبريل 1990م حيث أشار الأستاذ فاروق أبو عيسى نائب رئيس التجمع للشؤون القانونية والدستورية أن المحاكمات لم تستوف الشروط المتعارف عليها وهي ترتبط بحقوق الإنسان وسيادة القانون . 

    وقال الدكتور عبد النبي علي احمد الأمين العام لحزب الأمة بضرورة إخضاع الأمر للتحقيق مشيراً إلى ضرورة المحاكمة العادلة ، وقال علي محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي أن هؤلاء الضباط الذين تعرضوا للإعدام كان لهم دور كبير في أحداث رجب أبريل وكان لهم دور في الانتفاضة الشعبية ولذلك يجب أن تخضع محاكماتهم للمراجعة ومساءلة المسؤولين عنها سواء كانوا مؤيدين أو مشاركين أو منفذين .